المركز الإعلامي

الجفير – المجلس الأعلى للشئون الإسلامية:

حضر معالي الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الاحتفال السنوي بذكرى المولد النبوي الشريف الذي تنظمه وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذي أُقيم مساء يوم أمس الإثنين بجامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي بحضور عدد من أصحاب الفضيلة والسماحة المشايخ والقضاة، وعدد من أصحاب السعادة السفراء ورجال السلك الدبلوماسي، وجمع من المواطنين والمقيمين.
وبدأ الحفل بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم للقارئ عبدالله خليفة حمدان، ثم ألقى فضيلة الدكتور فريد بن يعقوب المفتاح وكيل الوزارة للشئون الإسلامية بوزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف كلمة قال فيها: إنه تأكيدًا للنهج الحضاري الديمقراطي، فإن مملكة البحرين تشهد هذه الأيام إجراء الانتخابات النيابية والبلدية؛ فمنذ أن أطلق حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى مشروع جلالته الحضاري، وعجلة التطوير تسابق الزمن في كل مناحي الحياة، وما الإقبال الكبير الذي نشهده اليوم على الترشح والتنافس في الانتخابات النيابية والبلدية إلا دليل واضح على حرص الشعب على تأكيد هذا النهج الإصلاحي الحضاري القويم، الذي خطه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بارك الله عمله ومسعاه، داعيًا جميع المواطنين إلى تلبية نداء الواجب الوطني، واستشعار المسؤولية الدينية والوطنية، عبر المشاركة الإيجابية الفاعلة بالتصويت في الانتخابات، كما دعا جميع المترشحين إلى تقديم مصلحة الوطن على ما سواها، وإلى العمل بنشاط وتوقد وإخلاص من أجل مستقبل تنموي مشرق لنا ولأجيالنا.
وأضاف المفتاح: يطل علينا الثاني عشر من ربيع الأول، ليؤكد أن التاريخ قد بدأ به، وأنه كان ميلادًا جديدًا للبشرية، حيث ولد النور والهدى، الذي أنقذ البشرية، وأخذ بالإنسانية إلى بر الأمان وشاطئ الرحمة والسلام.
وبهذه المناسبة الكريمة المباركة رفع المفتاح التهنئة القلبية الخالصة العطرة، إلى المقام السامي لقائد مسيرتنا، حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وإلى شعب البحرين الوفي الكريم، وإلى الأمة العربية والإسلامية جميعًا.
وقال: إن مولده صلى الله عليه وآله وسلم كان معلمًا فارقًا فريدًا، تحول به خط الزمن، وتغيرت به سمات الحياة البشرية على وجه الأرض، فهو المولود المؤيد المبارك الذي سينقذ الله به الإنسانية، وسيرتقي بها رقيًا دينيًا وفكريًا وأخلاقيًا وثقافيًا، وهو من سيضع قواعد وقيم الحضارة الإنسانية الخالدة، لتتحقق بها سعادة وسلام البشرية جمعاء، وفي ظل الذكرى المباركة لمولده صلى الله عليه وآله وسلم، تتنسم الأمة عبير سيرته العطرة، مستلهمة دروسًا وعبرًا وعظات تتجدد بتجدد الأزمان، وتؤكد بأن مولده صلى الله عليه وسلم كان ميلادًا للبشرية، ونقطة تحول في حياة الإنسانية بكل تفاصيلها، لتتحول البشرية ببعثة محمد صلى الله عليه وآله وسلم نحو الخير والرحمة والعدل والصلاح والتعايش بسلام.
بعدها ألقى فضيلة الدكتور إبراهيم المريخي القاضي بمحكمة التمييز عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، كلمةً قال فيها: نحن في هذه الذكرى الزكية العاطرة إنما نحتفي بظهور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا الوجود، وظهوره هو ظهور نور الإسلام، والوصول إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى عن طريق هذا الحبيب المحبوب، ولنعلم أن ظهوره إلى حيز الدنيا بالصورة الجسمانية سبقه ظهور في عالم الأرواح، وهذا الظهور بلغه لنا النبي صلى الله عليه وسلم لكي نعلم قدره وعلو مقامه ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى، وهذا الظهور جاءنا في كتاب الله تعالى مسطرًا في سورة آل عمران (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين).
وأضاف: إن الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف هو احتفاء بظهوره عليه أفضل الصلاة والسلام، وفرح ببروزه إلى هذا العالم، وهذا الفرح مُؤسس في الكتاب والسنة كذلك، حيث قال سبحانه وتعالى: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، ورحمته سبحانه وتعالى هو الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهذا الفرح الذي نفرح به إنما هو اتصال بالحبيب المصطفى الذي ربطنا به الكتاب والسنة، فأفعالنا كلها تسير مع آثار الحبيب المصطفى، لقوله سبحانه وتعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، فأنت في حياتك وفي عباداتك مربوطٌ بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام.
من جهته قال سماحة الشيخ منصور علي حمادة عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية إننا في هذه البلاد الكريمة لننعم بفضل الله تعالى ومنّه بنعمة الاهتمام بشعائر الدين والمناسبات الدينية، وبتخليد ذكرى الشخصيات الإسلامية العظيمة؛ إذ إنَّ حكامَ البحرينِ الكرامَ توارثوا كابرًا عن كابرٍ احترامَ تلك الشعائرِ والمناسباتِ ودعمَها، وحرصوا على ترسيخها وتثبيتها في المجتمع والنفوس، في ظل المنهج الأصيل والثابت في البلاد من رعاية الحريات الدينية، وصونِ الهوية العربية والإسلامية، ما بوَّأها مكانةً عاليةً بين الأمم في التعايش البنَّاء، وجعلها نموذجًا متقدمًا في المنطقة والعالم في مجال الحريات الدينية.
وأضاف: لقد اعتنى المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) بتربية أتباعه تربيةً فاضلةً مميزةً ترتكز على العقيدة والأخلاق؛ فالعقيدة هي جوهر الفكر والروح، وأما الأخلاق فهي نظام الفضيلة والرشاد. وقد حرص النبي الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) على ألا تُنتَهك تلك الركيزتين (العقيدة والأخلاق) بأيِّ شكلٍ من الأشكال؛ لئلا يحدث لدى المجتمع المسلم اختلالٌ وانفصامٌ بين الفكر والسلوك، وبين النظرية والتطبيق، فلم يرضَ للغايات أن تبرِّر الوسائل خلافًا لما تجري عليه سيرة البشر من أسارى المادة، بل توسَّل (صلى الله عليه وآله وسلم) بالوسائل الشريفة للوصول إلى الغايات الشريفة؛ انطلاقًا من أنَّ شرف الوسائل دليلٌ على شرف الغايات، وأنَّه كلما شَرُفت الغايةُ شَرُفت الوسيلة، فإن كانت الغايةُ الأسمى والأساسُ من هذا الخلق هي عبادةَ الله تعالى، فإن الله تعالى لا يُطاع من حيث يُعصى، مشيرًا إلى أن الغايات نوعان: غايات دينية، وغايات دنيوية؛ فأما الدينية فهي رضا الله تعالى، وأما الغايات في دنيا البشر فيندفع إليها الإنسان نتيجة هيجان الغضب أو الرغبة في التشفي والانتقام، أو نتيجة استثارة الشهوات؛ شهوة المال، أو النساء، أو الزعامة والوجاهة، وقد أدَّب الله تعالى البشرَ بآدابٍ ووضع لهم نُظمًا تحكم انفعالاتهم، كما جعل لهم مساحة لإفراغ الشهوات والرغبات وفق ضوابط من العقيدة والدين والأخلاق؛ تحكمها وتنظمها، وتحفظ للإنسان كرامته وإنسانيته، وتصونه من أن يصير وحشًا كاسرًا، أو حيوانًا متسافلاً، أو كتلةً من الجهل والحماقة.